معلومات الكتاب
عنوان الكتاب: تحت راية القرآن – المعركة بين القديم والحديث
نوع المنشور: كتاب
اسم المؤلف: مصطفى صادق الرافعي
عدد الصفحات: 312 صفحة
دار النشر: المكتبة العصرية للطباعة والنشر
تاريخ النشر: 2002
اللغة: العربية
Information
Title: Under the Qur’an banner – the battle between the old and the new
Type: Book
Author Name: Mustafa Sadiq Al-Rafei
Number of Pages: 312 pages
By: AL-Asria library for printing and publishing
Date: 2002
Language: Arabic
نص من تحت راية القرآن - المعركة بين القديم والحديث
تحت راية القرآن – المعركة بين القديم والحديث: قد نظرت فإذا كل ما كنت أريد قوله في هذه الكلمة قد كتبته في هذه المقالات، فهي لا تدع مسألة ولا تترك شبهة ولا تزال تأخذ بيد القارئ فتضعها على غلطات أصحابنا المجددين، بل المبددين، واحدة بعد واحدة وشيئاً بعد شيء فهو منها في برهان لائح من حيث بدأ إلى حيث ينتهي، كالنجم لا يزال بعين منه أين مشى وكيف تلفت.
وما رأيت فئة يأكل الدليل الواحد أدلتها جميعاً كهؤلاء المجددين في العربية، فهم عند أنفسهم كالجمرة المتوقدة، لا يشبعها حطب الدنيا ولكن غرفة من الماء تأكل الجمرة، وعم مخذولون بقوة الله، إذ ليس فيهم رجل فصيح بليغ يكون لهم كالتعبير من الطبيعة عن هذا المذهب، حتى يثبت مذهبهم فلا يدفع ويقوم فعلا ينقص، ولن يأتي لهم هذا الرجل، فلو أنه اتفق لهم لكان أشد أعدائهم، ولأغلط فيهم النكاية، فما زال ينقصهم أبداً ولن يتموا به أبداً، وذلك من عجيب تقدير الله في العربية، لمكان القرآن منها، حتى لا يدخل في طمع أحد ولا تناله يد متناول، فهو محفوظ بالقدر كما ترى، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وإن طائفة من الذباب لو أصابت حامياً مدافعاً من النسور فجاءت تطن بأجنحتها لتلوذ وتنضوي إليه، ثم قصف النسر بجناحيه لأهلكها أو بعثرها وشردها، وهو كان في وهمها ملاذاً وكان عندها حمى فذلك مثل الثوم وما يحتاجون إليه من الرجل البليغ إذا التمسوه فأصابوه!
أما إنه ليس يقوم العقل ما يسمى عقلاً، ولكن على ما يسمى غرضاً وحاجة ورغبة واضطراراً، فأهواء امرئ من الناس جاعلة لع عقلاً غير عقل من لم تدعه نفسه إلى مثل هذه الأهواء، وإن كان أمرهما واحداً بعد.
ومن هنا اختلافنا مع هؤلاء المجددين، فإن لهم أغراضاً لا مناص أن تجعل لهم عقولاً بحسبها وعلى مقاديرها في المصلحة والمفسدة، وهم صور من ضمائرهم، فليس في الملحد يكون ضمير مؤمن، ولا في الفاجر ضمير تقي، ولا في المستهتر ضمير ورع، ومن ثم وجب أن تحذرهم الأمة وأن تقرهم في ذلك الحيز من تخيلاتهم وأوهامهم، فهم من الأمة إذا غلبت هي عليهم وليسوا منها إذا غلبوا عليها، وما مثلهم إلا كالرمل والحصى، تكون في مجرى الماء العذب فتكون شيئاً من طبيعته وتحدث فيه لوناً من الحسن والرونق، وإذا هي خيال من شعر النهر، حتى إذا خرجت مع الماء وانساغت في حلق من يجرعه كانت بلاء وأذى وانقلبت للماء سبة ورمي بها ورميت به!
وهم يريدون بآرائهم الأمة ومصالحها ومراشدها، ويقولون في ذلك بما يسعه طغيانهم على القول واتساعهم في الكلام واقتدارهم على الثرثرة، حتى إذا فتشت وحققت لم تجد في أقوالهم إلا ذواتهم وأغراضهم وأهواءهم يريدون أن يبتلوا بها الناس في دينهم وأخلاقهم ولغتهم، كالمسلول يصافحك ليبلغك تحيته وسلامه فلا يبلغك إلا مرضه وأسباب موته!