أسرار الحروف – أصول اللغة العربية -1

كتاب أسرار الحروف كتاب يبحث موضوع الحرف العربي، من ناحية: المعنى، والصوت، والرمز، ويسعى إلى تحديد القوانين التي تنتظم فيها بنيته الداخلية، ويعتمد إلى الكشف عن قواعده الوظيفية، من خلال إرجاعه إلى الأصل المشتق منه في الطبيعة والمجتمع عبر مسيرته الممتدة منذ نصف العصر الحجري القديم قبل آلاف السنين.

ويعتمد الألة  اللغوية والتاريخية برهاناً على صحة استنتاجاته، والمحاكمات المنطقية دليلاً على دقة أحكامه، والمعطيات العلمية التجريبية في الكشف عن أسراره التي مازالت مبعث حيؤة العلماء، وفي محاولاتهم الهادفة للوصول إلى لغة الإنسان البدائي العتيق.

وإذا كانت حقيقة أصل الشيء في نظر أبي هلال العسكري، هي مابدىء به، وماكان عليه معتمده، فإن الحرف الحرف العربي هو الأس الذي لا يكون إلا أصلا في بنيان صرح العربية الشامج الذي استشهد له بالقول (إن أصل الحاذط يسمى أساً، وهو الحجر الذي بدىء في بنيانه)

وفي كتاب (أبجدية النشأة) حددت أصول اللغة العربيو طبيعياً، واجتماعياً، وفكرياً، في إطار نظام الأحداث ذات الدلالة ووفق منهج يربط السلسلة اللغوية ببناء العقل عند الطفل: الجنين والوليد والرضيع والفطيم.

ولما كان السر هو اخفاء الشيء في مكونات النفس، فإن أسرار حروفنا العربية هي تلك الأسرار المغلفة بالثنائية الضدية التي تنتظم فيها حركة الكون والتاريخ الإنساني برمته، سواء في بنيتها الداخلية أو في وظيفتها الخارجية الحادثة بالتصويت.

ولكن بعيداً عن تلك الأسرار المبثوثة في رسائل إخوان الصفا، وغيرها من كتب الأقدمين، بل هي الأسرار الشبيهة إلى حد ما بلغة الكيمياء عند الكائنات الحية التي تعيش في مستعمرات خاصة تشبه المجتمعات، وتتم فيها الأعمال بمنتهى الدقة والنظام كما في مملكتي النحل والنمل مثلاً.

وكنت قد عالجت في كتاب (ميزان الألف العربية) مسألة الألف الموصوفة بانها أم الحروف لشدة التصاق الصائت بالصامت فيها وائتلافهما في وحدة صوتية لغوية هي نقطة الانطلاق؛ لفهم الأبجديات اللغوية المعروفة في عالم اليوم.